لماذا الشعر ؟

الشعر يؤكد معنى الحياة في خضم المشكلات والكوارث ..

على الرغم من أن الشعر يعتبر أقل الأنواع الأدبية من حيث عدد القراء في عصرنا الحديث هذا ، فان الحاجة ملحة الى قراءته أو كتابته أو الاستماع اليه خاصة بعد الخسارات الكبيرة … أو في الأوقات الحزينة مثل الذكرى السنوية الأولى لها .لكن لسوء الحظ فإن الشعر اذا كتب كردة فعل لأحداث مرعبة كالحادي عشر من سبتمبر أو الحروب العالمية حتى لو كتبه شاعر فحل فانه سيكون عاطفيا وسيبدو مبتذلا ويصبح بالتالي عدوانيا . قرأ الشاعر الأمريكي المعروف بيلي كولينز مؤخرا قصيدته الموسومة “أسماء” الى جمع من أعضاء الكونجرس في نيويورك حيث بينت القصيدة قدرة الشعر المحدودة في وصف الرعب والمأساة وصعوبة القلب البشري في تسجيل هذه الحادثة … إن مسئولية الشعر تنحصر في خلق احساس جديد وليس تكرار أحاسيس وانفعالات جاهزة يشعر بها الناس .

لقد نشرت مجلة ذ نيو يوركر تحت غلاف أسود بعد الحادي عشر من سبتمبر قصيدة واحدة فقط عنوانها “حاول أن تمدح هذا العالم المشوه”  كتبها الشاعر آدم زاقاجيوسكي الذي يشتغل كمعلم للشعر في جامعة هيوستن. هذه القصيدة  خاطبت الحدث  رغم أنها كتبت قبل الأحداث بشكل أفضل من النصوص الحديثة بعد المأساة.

“الموت هو الذي يوقظ الشعراء في الصباح، لكن كل قصيدة هي مع الحياة وضد الموت،” هكذا قال كولينز في قراءته في جامعة هيوستن.

جاذبية الشعر في الأوقات الهادئة التي لا يوجد فيها أحداث تنحصر في الصوت الدافئ  في عالم غارق بالازعاج  والمشتتات. الانتباه كما يقول كولينز هو شكل من أشكال الصلاة، والشاعر دائما ينظر الى البعيد بشكل منتبه ومركز.

بعد الكوارث الوطنية،  أقدم أنواع الأدب ذكّر الناس بالعواطف القديمة التي تشبه عواطفنا، فهو يربت على أكتافنا ويؤكد لنا أن معاناتنا اليوم ليست  متفردة وانما يمكن  النجاة من أهوالها . “شعر الطوارىء” كما يسميه كولينز يستطيع أن يرسّخ  من عواطفنا ويخفف من أحزاننا

بدأ الشاعر كولينز برنامجا سماه الشعر 180 لتشجيع المدارس على قراءة قصيدة قصيرة في الاذاعة المدرسية كل يوم  خلال العام الدراسي وقد شارك فيه العديد من المؤسسات التعليمية في مناطق هيوستن ولاقى الاستحسان والرضى بين المعلمين والطلاب.

الشعراء، في كل دولة وبكل لغة، على أهبة الاستعداد وجاهزون لخلق نوع من الفرح والتنوير الى جمهور صغير من القراء وهم أيضا عند الضرورة مستعدون لتقديم العزاء  ورأب الصدع في الأوقات العصيبة.

– هيوستن كرونيكل

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments