بقلم خالد العوض
اللغة اليابانية صعبة ومعقدة التركيب وتعتمد على ما استعارته من الجانب الصيني وهو ما يعرف بالكانجي Kanji.
يعرف الكثيرون ان اللغة اليابانية تكتب رأسيا من أعلى إلى أسفل بدءا من اليمين إلى اليسار، لكن الشيء الذي يجهله الكثيرون انها تُكتب أيضا من اليسار إلى اليمين أفقيا مثل اللغة الانجليزية، واليابانيون يفضلون الطريقة الاولى وهو المتبع حاليا في الجرائد والمجلات والكتب.
الحقيقة المرة ايضا أن اليابانيين يجدون صعوبة في فهم لغتهم لأن أكثر من ستة آلاف كلمة جديدة تضاف إلى المعجم اللفظي كل عام، كما أن معظم هذه الكلمات تأتي من اللغة الانجليزية، وهذا يقودنا إلى نفس الحلقة المفرغة وازمة الهوية التي تعاني منها.
هذه الكلمات الجديدة يخترعها الشباب والمراهقون بينما يجد الكبار صعوبة في متابعة ما يجري. هذا الأمر أدى الى ازدهار حركة النشر لدى المكتبات التي تطبع ما لا يقل عن ثلاثة قواميس كبيرة كل سنة لمتابعة هذا التجديد المستمر في اللغة بل إن هذا الأمر، أي طباعة المعاجم واقتناءها، أصبح عادة لدى اليابانيين قلّ أن تجده في دول أخرى من العالم. تتألف اللغة اليابانية من حيث كتابتها من ثلاثة أشكال أولها ما يعرف بالكانجي وهو المقاطع الصينية، حيث يوضح كل مقطع فكرة معينة وله أكثر من معنى، أما النوع الثاني فهو الهيراقانا الذي يساعد على تصريف الأفعال والصفات، أما الثالث فهو الكاتاكانا الذي يستخدم لملاحقة المصطلحات الاجنبية التي تطرأ على اللغة والتي تأتي عادة من اللغة الانجليزية لذلك تجد في السطر الواحد هذه الاشكال الثلاثة مجتمعة.
هذا المزيج من الاشكال يشكل عقبة كبيرة لدى الياباني نفسه قبل ان يكون عقبة لدى المتعلم الجديد للغة الذي بحاجة إلى أن يحفظ اكثر من 2000 شكل أو حرف من الكانجي حتى يستطيع أن يقرأ جريدة يابانية مثلا.
إذن اللغة تشكل حاجزا كبيرا وقف في طريق اليابانيين نحو السير قدما في احتلال مكانة متقدمة في هذا العالم، بل إنها عزلت اليابان عن العالم، تماما مثل البحر الذي يحيط بها.
يتضح أن اليابان تعاني من مشاكل مركبة على المستوى الاجتماعي تتعلق بالهوية والثقافة وتحتاج الى كثير من الجهد المنظم والعمل المتواصل لتجاوز هذا المزلق الصعب والخطير الذي تنبأ به احد العلماء المعروفين قبل ثلاثين سنة مضت، حيث حذر ماساتاكا كوساكا اليابان من انها ستعاني من ازمة هوية identity crisis ستعصف بها إذا لم تتخلص من قيد الثقافتين الامريكية والصينية، فاليابان ليست أمريكا وليست الصين، بل إن عليها أن تجاهد وتعمل على تأكيد هويتها واستقلالها التام سياسيا وثقافيا وعسكريا بعيدا عن معسكري أمريكا والصين.