بمجرد دخولي للمصعد اخترت الرقم 6 بين الأرقام العشرة الموجودة التي تحدّد عدد الأدوار في هذا المبنى الغريب الذي لا أعرف سبباً واضحاً لوجودي فيه.
كما أنني لا أدري عن سبب اختياري للدور السادس. اخترت مكاناً شاغراً في المصعد الذي كان يضم ثلاثة أو أربعة أشخاص لا أذكر بالضبط.
بدأ المصعد الغريب رحلته نحو الأعلى كما لو كان شاحنة قديمة مهترئة تصعد طريقاً جبلياً غير مسفلت يمتلئ بالمطبات الأرضية والهوائية محدثة ضجيجاً يصعب عليّ فيه التركيز أو التفكير في مثل هذه الحالة الغريبة التي أعيشها الآن.
بدا الأمر كما لو كان مخطّطاً له دون أن يكون لدي أي قدرة على تغيير هذا.
نظرت إلى حركة المصعد فوجدت الأرقام تتغير بألوان مختلفة وبسرعةٍ لا تتناسب مع حركة المصعد البطيئة نحو الأعلى … 2 … 3 … 4 … لم أنتبه لوجود الأشخاص الماثلين أمامي في المصعد كما لو كانوا مجرد ممثلين هامشيين لا يحملون أي تعبير … كومبارس، كما يقولون … 5 … 6 …7 …
هيه! توقّف! تجاوز المصعد الدور الذي أريد … ضغطت بعنف على الرقم 6 بشكل متكرر دون جدوى. ماذا يحدث؟
أصابني الهلع .الأمر دُبِّر بليل.
يبدو أنني وقعت في ورطة ليس لها حل .. 8 .. 9 … زادت سرعة المصعد عندما اقترب من الدور الأخير.
بدأت أرتجف من الخوف.
لا يبدو أن المصعد سيتوقف كما لو كان قد وقع تحت سيطرة أشباح لا أراها.
تجاوز المصعد الدور العاشر .. الدور الأخير ! ارتفع وانطلق عالياً بخفّة نحو السماء متحرّراً من المبنى الذي كان جزءاً فيه..
اختفت المطبات . أصبح المصعد في الهواء الطلق.
استسلمت تماماً.. ما هذا الذي يحدث؟ نظرت إلى أسفل..
كاد قلبي يتوقّف، أو أظنّه فعل، وأنا أنظر عبر الزجاج الذي أصبح شفّافاً أسفل قدمي وقد بدا المبنى يصغر تدريجياً وأنا أتحرك بخفّة نحو السماء.