ألقى رجل أعمال أمريكي خطاباً أمام مجموعة من المعلّمين والمعلمات في ولاية إنديانا في عام 1991 خلال برنامج تدريبي اثناء الخدمة أقامته شركته المتخصصة في بيع نوع معين من الآيس كريم. أخبر هذا التاجر المعلمين الذين كانوا يحضرون هذا البرنامج بأن عليهم أن يعملوا بنفس الطريقة التي يعمل بها هو في شركته التي حظيت بالفوز بجائزة أفضل آيس كريم في أمريكا.
“لو أني اشتغلت في شركتي بنفس الطريقة التي تشتغلون بها في مدارسكم، فلن أبقى طويلاً في التجارة،” قال لهم المدير التنفيذي لهذه الشركة موضّحاً أن المدارس جامدة والمعلمين يقاومون أي نوع من التغيير وذلك بسبب أن وظائفهم الدائمة تحميهم من المساءلة. أما التجارة فتعمل بالطريقة الصحيحة عن طريق اتباع مبادئ واضحة مثل إدارة الجودة الشاملة أو التحسّن المستمر.
كان المعلّمون يستمعون إلى حديث هذا التاجر وعلامات الغضب ترتسم على وجوههم. عندما أنهى التاجر حديثه سألته معلمة ببراءة شديدة عن الطريقة التي يستخدمها في شركته والتي جعلتها الأفضل في إنتاج الآيس كريم. أجاب الرجل بفخر شديد موضّحاً الخلطة السحرية والعناصر الممتازة التي يستخدمها والفاكهة التي يختار النوع الأجود منها مشدّداً على أنه لا يقبل إلا النوع الأفضل من هذه الفاكهة. عندئذٍ سألته المعلمة:
- “سيّدي،” قالت المعلمة بهدوء وهي ترفع حاجبها نحو السماء بطريقة ماكرة، “ماذا تفعل لو أنك كنت واقفاً تنتظر وصول شحنة من الفاكهة التي تستخدمها واكتشفت أن هذه الشحنة ليست من النوع الأفضل أو أنها تضم بعض الفاكهة الرديئة؟”
- “سوف أردّها بالتأكيد وأرفضها”.
” صحيح!” صرخت المعلمة وهي تقف منتصبة على قدميها. “نحن لا نستطيع أبداً أن نرد أو نرفض فاكهتنا. نأخذها كلها. نقبل الكبير، والصغير، الغني، والفقير، الموهوب، والاستثنائي، والمسكين، والمضطهد، والخائف، والواثق، والمشرّد، والفظ، والذكي اللامع. نقبل المتوحّد، والمريض، ومن لا يتقن اللغة. نقبلهم كلهم. كل واحد فيهم. لهذا السبب هي ليست تجارة، سيدي. هي مدرسة!”
أحسنت وأوجزت.
فما ضيعنا وضيع تعليمنا إلا التنظير ممن على الأرائك يتبخترون، ولمن حولهم آمرون، وعن الميدان راغبون غافلون.
فيقولون مالا يفعلون.
مبدع دومًا أستاذي، توضيح الفكرة من خلال سرد قصصي رائع ومشوق. ولعل الخصخصة تكون في الجانب الإداري فقط، وهو مانرجوه.
تحياتي لك